لهذه الأسباب نتعامل بلُطف مع الغرباء ونقسو أحياناً على من نحبهم ونعاملهم بجفاء

من الوهلة الأولى قد تقول أن هذا الكلام مجرد هراء وأنه غير صحيح، لأنه من المنطقي أن نُعامل من نحب بشكل أفضل من تعاملنا مع الغرباء الذين لا نعرفهم، ولكن أمعن النظر قليلاً في سلوكك، هل تكبح انفعالاتك مع زملائك حين يخطئوا أو يتصرفوا بشكل لا يناسبك، بينما قد لا تفعل نفس الشيء مع أحبائك؟ هل تتغاضى وتتعامل بلطف مع أي غريب مقارنة بأحبائك؟

توجد دراسة علمية تشرح لنّا الآلية الخفية والتي تجعلنا نتحكم فيما نقوم به ونقوله للغرباء، فإذا كنت تريد معرفة السبب في حدوث مثل هذا السلوك مع الغرباء مقارنة بمن نحب، فتابع القراءة

 

علاقتنا بأحبائنا وطيدة لدرجة أنها تستطع تحمل الكثير من الضغوط

بطبيعة الحال نقضي معظم الوقت مع أشخاص قد لا نعرفهم على الإطلاق، أو نعرفهم ولكن بشكل سطحي إما في العمل أو في المدرسة أو حتى في وسائل المواصلات أو مع الباعة!

وغالباً ما نضع الوجه البشوش أمام الآخرين لأننا في اللاوعي نريد أن نُظهِر السلوك الأكثر أدباً والأكثر لطفاً أمام الآخرين، ولكن بمجرد أن نذهب إلى أحبائنا فإننا نتخلى عن بعض هذه المظاهر ونكون أكثر أريحية!

فكونهم الأشخاص المقربين لنّا، هذا يجعلنا نشعر بالراحة أكثر ويجعلنا نظهر شخصيتنا الحقيقية، بما في ذلك الجانب السلبي. حيث تؤكد إحدى الدراسات أننا قد نُفصح عن غضبنا دون وعي تجاه الأشخاص الذين نشعر أنهم الأقرب لأننا نعتقد أن علاقتنا بهم قوية بما يكفي لتحمل تلك الأمور، فكلما اقتربنا من شخصٍ ما، وكلما زادت ثقتنا فيه، زاد شعورنا بأنه يستطع تحملنا في أي موقف.

وهذا صحيح دون شك ولكن هذا لا يعني بأن نستغل ذلك الأمر. وإذا كنا نستطع التحكم في بعض الأمور كما نفعل مع الغرباء فستكون الحياة أفضل بكل تأكيد، أليس كذلك؟

 

نشعر بعدم الأمان كوننا بين أشخاص لا نعرفهم!!

عندما نلتقي بأشخاص جدد، فإننا لا نتعامل معهم بطبيعتنا، لأننا ببساطة لن نستطع التعامل معهم بهذا الشكل حتى تصل علاقتنا لمستوى أعمق وتكون أوطد.

وحتى نصل لهذه المرحلة العميقة من العلاقة، فإذا رأينا ما يزعجنا بشأنهم لن نُفصح عنه، لأننا ببساطة لا نتوقع كيف سيتجاوبون مع الأمر، كما أنهم لا يعنونا كثيراً لنوجههم.

على عكس ما يحدث مع الأشخاص القريبين منّا، فعندما يفعل أحباؤنا أشياء نراها مزعجة، نقوم في الحال بلفت نظرهم وانتقادهم، لأنهم الأقرب لنا ونستطع البوح بما يدور في خلدنا بكل أريحية. فشعورنا بالأمان بأن علاقتنا بهم مستمرة على كل حال، يجعلنا لا شعورياً نصرخ ونتنازع معهم في بعض الأحيان.

 

لا نتسامح مع الصفات السلبية لدى المقربين لنا

نحن نعي تماماً الصفات السلبية التي تزعجنا، وكذلك الإيجابية التي نُفضلها. وبالطبع لم تستيقظ يوماً ما واكتشفت أن الصفة هذه الموجودة في شريكك تُزعجك! بل أنت الذي توقفت عن التسامح مع تلك الأشياء التي لا تعجبك، فكلما زاد الوقت الذي تقضيه مع شخصٍ ما، كلما أصبحت أقل تسامحاً تجاه تلك الأشياء السلبية وبالتالي تصبح أكثر نقداً!

وهذا بالطبع لا يحدث مع الغرباء، فأنت لا تقضي معهم الوقت الكافي لتطوّر هذه العلاقة، فحتى لو رأيت شيئاً يُزعجك، فلن تواجههم بل ستتجاهل الأمر لأنك تعلم في قرارة نفسك بأنك لست مضطراً لقضاء وقتاً كبيراً معهم.

 

فبالرغم من أن هذا السلوك يحدث لا شعورياً إلا أنه توجد طرق يمكننا من خلالها منع هذا النوع من السلوك:

كما ترون، ووفقاً للدراسات فإن هناك أسباب تجعلنا نعامل الأشخاص الذين نحبهم بشكل أقل لطفاً مقارنة بالغرباء كالتي سردناها.

والآن بعد أن عرفنا سبب تصرفنا هذا، دعونا نرى ما يمكننا القيام به لمنع هذا النوع من السلوك في المستقبل:

  • حاول أخذ استراحة من أحبائك عند الحاجة: عندما نقضي الكثير من الوقت المتواصل مع الأشخاص الذين نحبهم، نجد أنفسنا تلقائياً نتربص بكل صغيرة فيهم، ولهذا جرّب قضاء بعض الوقت بعيداً كأجازة، فهذا الأمر مفيد للغاية حيث يسمح لك أن ترى العلاقة من بعيد وتتأملها لتراها من منظور جديد، وهذا الأمر يساعدنا  لنكون ممتنين لوجودهم بجانبنا.
  • قضاء بعض الوقت مع أحبائك ولكن في صحبة الآخرين أيضاً: فكما أوضحنا أننا نتصرف بشكل تلقائي  بطريقةأكثر أدباً وأكثر لطفاً مع الأشخاص الذين تربطنا بهم علاقة وجيزة وسطحية، وهذا سينطبق على أحبائنا أيضاً إذا تواجدوا في صحبة الغرباء! وبهذه الطريقة، يمكنهم أن يرونا عندما نكون في أفضل سلوك لدينا.

نأمل أن نكون قادرين على التحكم في ردود أفعالنا في المستقبل بعد معرفتنا لسبب تصرفنا بهذه الطريقة، فهم في الأخير أحبائنا ومن نريدهم سعداء، وبالطبع هم من يستحقون منّا أفضل معاملة على الإطلاق!

جملة “من نحب” ليست مقصورة على شركائنا، ولكنهم قد يكونوا أطفالنا كذلك، أو حتى أصدقائنا وزملائنا، فقد يكون في الحقيقة أي شخص تهتم بأمره حقاً!

 

نقترح عليك قراءة ⇐ +10 نصائح نفسية لزيادة الثقة بالنفس والشعور بقوة الذات يقدمها لنا خبراء علم النفس

هل سبق لك أن تعاملت مع الغرباء بطريقة أفضل من الأشخاص الذين تحبهم؟ هل تعرف أي استراتيجيات أخرى يمكن أن تساعد الآخرين على منع هذا النوع من السلوك؟ أخبرنا برأيك في التعليقات أدناه 🙂 .

المصدر: Brightside